السبت، 5 ديسمبر 2015

التغلب على تأثيرات الإجهاد المسببة للشيخوخة



التغلب على تأثيرات الإجهاد المسببة للشيخوخة

هل تعرف أولئك الذين يدّعون النجاح بالإجهاد؟ وربّما تكون واحدا منهم؛ فهم يشعرون بأنّ الإجهاد والتحدّي والمنافسة تدفعهم نحو القيام بأدوارهم بالأفضل ونحو
الإنجاز والتفوّق أكثر، وهذا ما يثير الإحساس بالكمال.لكنّ الأدرينالين Adrenaline والكورتيزول Cortisol – وهما الهرمونان اللذان ينتجهما جسمك عند تعرّضه للاستثارة أو التحدّي (أو الغضب أو التهديد) – وجدا للمساعدة بشكل خاص على الأداء الوظيفي بأعلى مستوى، حيث يجعلانك أكثر قوة وسرعة وبراعة وفطنة.
ومع أنّ كلا من الكورتيزول والأدرينالين يمكن أن يكون لهما في الواقع تأثيرات مفيدة جدا، لكنّ جسمك ببساطة غير مصمّم ليعيش أو يحيا على إمداد دائم من هذين الهرمونين. ويعمل الأدرينالين في الجسم بشكل يشبه الكافيين Caffeine كثيرا، فينبّه الجهاز العصبي الودّي Sympathetic nervous system لإحداث حالة من فرط التيقّظ Hyperalert state؛ ولكن بالطريقة نفسها التي يؤدّي فيها شرب الكثير من القهوة إلى شعورك بالتعب والإرهاق والعصبيّة، فإنّ زيادة الأدرينالين تكون منهكة للجسم.
أمّا زيادة تأثيرات الكورتيزول فتكون أكثر خطورة؛ فمع مضيّ الوقت، يمكن أن يؤدّي الكورتيزول المفرط في جسمك إلى تصلّب شرايينك، وتسمّم خلاياك الدّماغيّة، وترقّق عظامك، ونحافة خصرك، وتثبيط أو كبت جهازك المناعي. وعلاوة على ذلك، يحرق الإجهاد الإمداد بالديهيدرو إيبي آندروستيرون Dehydroepiandrosterone (DHEA) أيضا، وهو الهرمون المضاد للشيخوخة الأساسي Crucial anti-aging hormone. كما قد يؤدّي الإجهاد بسرعة في الواقع إلى شاكلة لهرموناتك تشبه شاكلة من هو يزيد عمره مرّتين على عمرك.
هل سبق لك أن سمعت قصة عن شخص ما صار شعره أبيض نتيجة لصدمة أو رضّ؟ فاعلم أنّ الأبحاث الحديثة تظهر أنّ هذه الرواية القديمة لها أساس من الحقيقة؛ فقد أظهرت دراسة لافتة للنظر ذكرتها الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم أنّ التأثير البيولوجي للإجهاد يمتدّ على كامل الطريق الموصل حتّى المستوى الوراثي أو الجيني، حيث يؤثّر في الجزء من جيناتنا الذي – ضمن أشياء أخرى – يحدّد الوقت الذي يبدأ فيه شعرنا باكتساب اللون الرّمادي.
تفحّص الباحثون في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو الحمض الرّيبيّ النّووي المنزوع الأكسجين (الـ د أن إي DNA) في نحو 60 امرأة، بعضهن كنّ يعتنين بأطفال مصابين بإعاقات شديدة؛ وليس من المستغرب أنّ الأمّهات اللواتي كان لديهن أطفال عاجزون شعرن بأنّهن واقعات تحت إجهاد كبير؛ وقد وجد العلماء في الواقع أنّ إجهاد الاعتناء بهؤلاء الأطفال يمكن أن يشاهد فعليا في د أن إي الأمّهات، حيث شابه د أن إي نساء أكبر منهن عمرا بكثير.
والأكثر شيوعا من المتهوّرين الذين يبنون النّجاح على الإجهاد والشدّة هم الذين يشعرون – مثلهم مثل أولئك الأمّهات – بالإنهاك الفكري والجسمي نتيجة الإجهاد الموجود في حياتهم. لكنّني لا أرى أنّ من المفيد كثيرا أن أنصح الناس ببساطة حتّى يقلّلوا من الإجهاد؛ فمن الواضح أنّه إذا استطاعوا أن يعرفوا ما يمكن القيام به لجعل حياتهم أقلّ إجهادا، سيقومون بذلك على الفور؛ وحتّى إذا استطاعوا القيام بشيء ما للتمتّع بعطلة أو التفرّغ لحصّة في رياضة اليوغا Yoga class؛ إلاّ أنّ معاكسة الضرر الفيزيولوجي النّاجم عن الإجهاد المزمن يمكن أن تحتاج إلى تدخّل مكثّف Aggressive intervention.
والنقطة التي لا يفهمها الكثير من النّاس بشأن الإجهاد هي: ليس مهما أن يكون الإجهاد جيّدا أو سيئا، وليس مهما أن تربح أو تخسر؛ فإذا كان لديك اضطراب مزمن في هرمونات الإجهاد Stress hormones (الكثير من الكورتيزول والقليل من DHEA)، إذا أنت تكبر وتشيخ بسرعة أكثر من اللازم، وتفتح الباب لأمراض تمتدّ من مرض القلب حتّى السكّري فالاكتئاب. وحتّى إذا لم تكن تستطيع – أو لا ترغب – أن تعيش حياة أقل إجهادا، فأنت بحاجة إلى أن تقي جسمك من تأثيرات هرمونات الإجهاد المسبّبة للشيخوخة.

الإجهاد بهدف النّجاح

أقرّ الدكتور هانس سيلي، الطّبيب الذي كان أوّل من حدّد الاستجابة الإجهادية Stress response ورسم مخطّطا لها، بأنّ الإجهاد حقيقة لا يمكن تجنّبها في الحياة؛ وبعد بحث طويل له على مدى حياته في تأثيرات الإجهاد الصحّية، استنتج سيلي في نهاية المطاف أنّ الإجهاد كان ضروريا بشكل مطلق لبقائنا، بل ومرغوب به لامتلاك القدرة على تعزيز أدائنا. كما كتب في كتاب الإجهاد في الحياة The Stress of Life “الغياب التام للإجهاد يعني الموت The complete absence of stress is death”.
ولكن، مثلما بيّن سيلي والباحثون في الإجهاد من بعده، تعدّ استجابتنا الفرديّة للإجهاد العامل الحاسم الذي يحدّد تأثيره في صحّتنا؛ فبعض أنماط الشخصيّات تتعامل مع الإجهاد بشكل أنجح من الآخرين، بينما تكون الشخصيّات الأخرى (والتي تدعى الشخصيّات من النمط A) في خطر خاص من الأمراض المتعلّقة بالإجهاد Stress-related diseases. ولقد بيّن هربرت بينسون Herbert Benson وجون كابات – زين Jon Kabat-Zinn وباحثون آخرون في الاسترخاء Relaxation أنّنا نستطيع جميعا أن نتعلّم الاستجابة للإجهاد بشكل أكثر مهارة، وذلك باللجوء إلى طرائق العقل والجسم Mind-body techniques للتقليل من تضرّر أجهزتنا العضويّة. ويضيف الطبّ المناهض للشيخوخة بعدا قويا آخر عبر تقديم معالجات تعاكس اضطرابات التوازن الهرموني الناجمة عن الإجهاد.

إنّ معالجة أعراض الإجهاد يخفي المشكلة فقط

يعالج الأطبّاء الأعراض المرتبطة بالإجهاد عادة، بكلّ شيء من مساعدات النوم ومضادّات الاكتئاب حتّى محصرات بيتا Beta-blockers والأدوية المزيلة للقلق Antianxiety medications؛ ولا تحمل هذه الأدوية تأثيرات وأخطارا جانبيّة خطيرة بذاتها، بل لا يتصدّى أيّ منها للتأثير الهرموني للإجهاد.
ولذلك، أهدف مع مرضاي إلى العمل أكثر من مجرّد تفريج أعراض الإجهاد، كما أسعى إلى العودة بهرمونات الإجهاد نحو التوازن الصحّي. ومن المثير للانتباه أنّني وجدت تحسّنا أو اختفاء للأعراض عادة في سياق هذه العمليّة. ويمكن تجنّب الأدوية أو التقليل منها أيضا، كما يمكن في الوقت نفسه معاكسة أو إزالة عوامل الخطر، وقد تبطّئ بذلك تقدّم الشيخوخة.

كيف يمكنك أن تتكيّف جيّدا؟

يكون بمقدور بعض النّاس أن يتعاملوا مع الكثير من القضايا، بينما لا يستطيع الآخرون حلّ أكثر من المشاكل الصغيرة نسبيا؛ فتحمّلنا الفردي للإجهاد يرتبط كثيرا بالوراثة ونمط الشخصية؛ لكن، حتّى أولئك الذي يبلون بلاء حسنا في الظروف المجهدة، قد يعانون من التأثيرات غير المرئيّة (الخفيّة) لاضطراب التوازن الهرموني. ويمكن لاختبار دموي أن يقدّم لك ولطبيبك صورة أكثر دقة عن مدى حسن أو سوء تكيّف جسمك مع الإجهاد.
وحتّى أقيّم تأثير الإجهاد، أتفحّص مستويات هرمونين هامّين؛ فالكورتيزول هو أحد هرمونات “الدّفاع أو الهروب” التي تنتجها الغدّتان الكظريّتان Adrenal glands استجابة للإجهاد، حيث ترتفع مستويات الكورتيزول عند الأشخاص الذين يكونون معرّضين للإجهاد، وهذا ما يمكن أن يكون ذا خطر كبير على الصحّة كما رأينا. أمّا الهرمون الآخر الذي أبحث عنه فهو Dehydroepiandrosterone (DHEA) الذي ينتج من الغدّتين الكظريّتين أيضا (ومن المبيضين أو الخصيتين بكميات صغيرة)؛ ويميل الإجهاد المزمن إلى تثبيط أو إنقاص مستويات DHEA.
ويعدّ DHEA، الذي يدعى الهرمون المضاد للشيخوخة غالبا، أغزر الهرمونات الستيرويديّة Steroid hormones جميعا؛ وهو ابتنائيّ Anabolic الطبيعة، أي أنّه يشجّع على تجديد النسج وتعويضها؛ فمثلا، ينبّه هذا الهرمون نشاط بانيات العظم Osteoblasts (الخلايا التي تكوّن العظم) والأرومات الليفيّة Fibroblasts (الخلايا المجدّدة للجلد))، وهذا ما يترجم بشكل زيادة في قوّة العظام وحيوية فتية في الجلد.
يكون DHEA شديد النشاط والفعّالية في الدّماغ، حيث يزيد مستويات النّواقل العصبيّة Neurotransmitters الضروريّة لكلّ من الذاكرة القريبة والبعيدة والتعلّم؛ كما يبدو أنّ DHEA يحمي الدماغ من التّراجع أو الانحطاط المصاحب للعمر، من خلال تعزيزه لإنتاج النّواقل العصبيّة.
وبالمثل، تعتمد الاستجابة المناعيّة القويّة على DHEA لزيادة عدد الخلايا المناعيّة، وتعزيز تيقّظها Vigilance وفعّاليتها؛ كما ينظّم DHEA الوظيفة المناعيّة عبر تنظيم تحرّر الإنترلوكينات interleukins والإنترفيرونات interferons وعامل نخر الورم tumor necrosis factor والعوامل الكيميائيّة المناعيّة الأخرى التي قد تكون ذات تأثير إيجابي أو سلبي في صحتك.
كما أنّ DHEA يتحوّل في الجسم إلى هرمونات ستيرويديّة أخرى، على رأسها التّستوستيرون Testosterone والإستروجين Estrogen؛ فالمستويات المنخفضة من هذا الهرمون الرّئيسي يمكن أن تعني أنّ مستويات الهرمونات الهامّة الأخرى تصبح منخفضة أيضا؛ وبهذه الطريقة، تتداعى تأثيرات انخفاض DHEA في جهاز الغدد الصّمّ Endocrine system بأكمله، مؤثّرة في الجهاز القلبي الوعائي والجهاز المناعي والاستقلاب.
وبذلك، تكون مستويات DHEA عند الذين يبدون ويشعرون بأنّهم شباب أكثر من مستوياته عند الآخرين في مثل عمرهم؛ فالأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة لـ DHEA يكونون أميل إلى المعاناة من أمراض القلب والسكّري والسرطان والاكتئاب.

التوازن المثالي بين DHEA والكورتيزول

يكون DHEA مرتفعا والكورتيزول منخفضا في الجسم الشاب الصّحيح؛ وإذا ما نظرت إلى الرسم البياني اللاحق، يمكن أن ترى أنّ النسبة بين DHEA والكورتيزول تكون مرتفعة جدا في الشخص الصّحيح، حيث يزيد الأوّل بخمسة أضعاف على مقدار الكورتيزول.
ومع تقدّمنا في العمر، نميل إلى إنتاج مقادير أقل من DHEA، وإلى إنتاج المزيد من الكورتيزول في الوقت نفسه؛ كما أنّ الإجهاد يولّد التأثير نفسه وبشكل أكثر وضوحا. ولذلك، تكون النسبة بين DHEA والكورتيزول في الشخص المجهد أو المسنّ أقلّ بكثير ممّا هي عليه في الشخص الشاب، بحيث قد يكون DHEA أكثر من الكورتيزول بمرتين أو ثلاث فقط؛ وهذا ما يجعلني أعتقد أنّ الإجهاد هو المعجّل الرّئيسي للشيخوخة، فهو يحاكي الشيخوخة والأمراض ويفاقمهما.
أظهرت النتائج الشاكلة الهرمونيّة الكلاسيكيّة (المدرسيّة) لشخص واقع تحت أقصى الإجهاد: مستويات مرتفعة جدا للكورتيزول ومنخفضة جدا لـ DHEA؛ ولذلك، كانت نسبة DHEA/الكورتيزول منخفضة جدا (DHEA أكثر بمرّتين من الكورتيزول فقط)؛ فلقد بدّل الإجهاد الشّاكلة الهرمونيّة، وأدّى إلى تشيّخ جسمها من الدّاخل والخارج.

مخاطر فرط الكورتيزول

تتحرّض جزئيا الكثير من المشاكل الصحية الأكثر شيوعا والتي تصيبنا عندما نتقدم في العمر – ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن وضعف الذاكرة ونقص الاستجابة المناعيّة – بتأثير الزيادة الكبيرة في الكورتيزول؛ فعندما يرفع الإجهاد مستويات الكورتيزول لديك، يمكنه ببساطة أن يسرّع العملية كلّها.
•  الكورتيزول المرتفع يشجّع مرض القلب والسمنة والداء السكّري
تعدّ الزيادة السّريعة في سكّر الدم Blood sugar إحدى الطرق التي يساعدك بها الكورتيزول على الاستجابة للطّوارئ؛ فعندما يرتفع الكورتيزول Cortisol، يعطي إشارات إلى جسمك لتحرير السكّر من النسج التي يختزن فيها نحو مجرى الدم؛ واستجابة لارتفاع مستويات سكّر الدم، يفرز البنكرياس Pancreas هرمون الأنسولين Insulin الذي ينظّف دمك من السكّر ويدخله إلى خلاياك، حيث يستعمل للطاقة؛ وهذا ما يقدّم الوقود الذي قد تحتاج إليه عضلاتك للقفز بعيدا عن الضرر أو رفع طفل بأمان. وفي حين أنّ دفقة من سكّر الدم يمكن أن تكون ضرورية لبقائك بحالة حياة أو موت، غير أنّ الارتفاع المزمن أو المستمر في سكّر الدم ليس أمرا صحّيا على الإطلاق.
عندما يرتفع مستوى الكورتيزول لديك بشكل مزمن نتيجة الإجهاد، يؤدّي إلى إحداث حلقة معيبة ومؤذية من التناوب بين ارتفاع سكّر الدم وارتفاع الأنسولين؛ فبعد فترة من الزمن، يمكن أن يبدأ جسمك بفقد حساسيته نحو الأنسولين، ويصبح الأخير أقلّ فعالية في تنظيم مستويات سكّر الدم لديك، وهذه ظاهرة شائعة لها عدد من الأسماء، بما في ذلك متلازمة مقاومة الأنسولين Insulin resistance syndrome والمتلازمة الاستقلابيّة Metabolic syndrome والمتلازمة س Syndrome X. ويعدّ التقدّم الخطير من ارتفاع الكورتيزول إلى ارتفاع سكّر الدم فمقاومة الأنسولين إحدى الطرق الرئيسيّة التي يساهم بها الإجهاد في المرض وحتّى في الموت.
تمثّل مقاومة الأنسولين الخطوة الأولى نحو عواقب صحّية خطيرة؛ فحتّى يعاوض البنكرياس لديك عن تأثيرات مقاومة الأنسولين، يفرز المزيد والمزيد منه؛ وتؤدّي الزيادة المفرطة للأنسولين – أو فرط الأنسولينيّة Hyperinsulinemia – إلى زيادة تخزين الشحوم، الأمر الذي يقود إلى زيادة الوزن والسمنة، كما قد يكون لذلك تأثير سلبي في ضغط الدم والكولستيرول Cholesterol وثلاثيّات الغليسيريد Triglycerides، وهذا ما يمثّل بحدّ ذاته عامل خطر رئيسيا في مرض القلب. كما أنّ فرط أنسولين الدم أو فرط الأنسولينيّة هو طليعة للداء السكّري البادئ في البالغين [من النمط الثاني] adult-onset (type 2) diabetes، حيث يصبح البنكرياس غير قادر على المحافظة على إنتاج الأنسولين.
وقد يجعل نمط الحياة اليومي المليء بالإجهاد والنظام الغذائي الغني بالسكّر هذه المتلازمة الصامتة غير المنظورة أوسع وأخطر ما يشغل العصر الحديث على المستوى الصحّي.
•  الكورتيزول يضلّل الاستجابة المناعيّة Immune Response
يمكن أن يشرع الإجهاد المزمن المديد – وما ينجم عنه من ارتفاع مستويات الكورتيزول – في نهاية المطاف بتقويض استجابتك المناعيّة؛ فقد تصبح أقلّ قدرة على مقاومة العدوى، لاسيّما العدوى الفيروسيّة Viral infections، حيث يكون الأشخاص المجهدون أكثر استعدادا لنزلات البرد Colds والأنفلونزا Flu.
عندما تضطرب الاستجابة المناعيّة، تحصل الفيروسات التي يمكن أن تكون قابعة في جسمك بحالة هاجعة Dormant state – مثل الكثير من فيروسات فصيلة الهربس (الحلأ) Herpes family viruses – على الضوء الأخضر أيضا؛ وهذا ما يفسّر السبب في اندلاع أو ظهور قرحات الزّكام ( هربس الحمّى) Cold sores والهربس النطاقي Shingles خلال الظروف المجهدة. كما أنّ ارتفاع مستويات الكورتيزول عند المصابين بالسّرطان قد يثبّط قدرة الجسم على مقاومته، مما يزيد من فرص انتقاله في كامل الجسم.
•  الكورتيزول يضعف الوظيفة العصبيّة
يعدّ الكورتيزول ضارا بخلاياك الدماغية أيضا؛ فقد بيّنت الدراسات أنّ ارتفاع الكورتيزول بسبب الإجهاد أو الشيخوخة قد يضعف الذاكرة والوظيفة الفكرية (الاستعرافيّة) Cognitive function، حيث يؤدّي ارتفاعه إلى تشيّخ الدّماغ وتضرّر الخلايا العصبيّة. ويبدو أنّ التراجع في الوظيفة الاستعرافيّة (الذاكرة، زمن التفاعل أو الاستجابة، حل المشاكل، القدرة على التعلّم)، والذي يشاهد عادة عند المسنّين، ينجم ولو جزئيا على الأقل عن ارتفاع مستويات الكورتيزول. وبذلك، يستطيع الإجهاد – من خلال زيادته للكورتيزول – أن يقلّد ويسرّع تأثيرات الشيخوخة في دماغك.

DHEA: ترياق الإجهاد والشيخوخة

يعدّ DHEA في جسمك ترياقا طبيعيا Natural antidote ذاتيا لتأثيرات الكورتيزول السلبيّة (الضارّة). وفي الواقع، يؤدّي ارتفاع الكورتيزول في الجسم السّليم إلى التحريض على ارتفاع معاوض في DHEA الذي يعمل على تثبيط إنتاج الكورتيزول أيضا، بالإضافة إلى جميع فوائده الأخرى؛ وبكلمة أخرى، يمتلك الجسم نظام مراقبة وتوازن Check-and-balance system مكرّسا لحمايتك من التأثيرات الضارّة للكورتيزول، وللمحافظة على نسبة عالية بين DHEA والكورتيزول.
ولكن، إذا استمرّ جسمك بفرط إنتاج مستمر للكورتيزول، يؤدّي ذلك إلى اضطراب هذا التّوازن الدّقيق، وتبدأ مستويات الكورتيزول المرتفعة في نهاية المطاف بتثبيط إنتاج DHEA. ويتوقّف نظام المراقبة والتّوازن عن العمل، ويمكن أن تنقص نسبة DHEA/الكورتيزول بسرعة؛ وعندما يحصل ذلك، يبدأ الكورتيزول المرتفع بإضعاف الجهاز القلبي الوعائي والعصبي والغدد الصمّ، كما يبدأ الجهاز المناعي بالتراجع، أي أنّ الجسم يبدأ بالتشيّخ بسرعة أكبر.

إغناء وتزويد مستويات DHEA

أدرك تماما أنّه من الصعب جدا إيجاد الطاقة اللازمة حتّى للتّمارين الخفيفة عند مجرّد الدخول في أعباء اليوم، لكنّها خطوة هامّة في كسر دورة الإجهاد والتعب؛ فالتمرين المنتظم وعادات النوم الجيّدة كلاهما يساعد على زيادة DHEA وإنقاص الكورتيزول. كما أنّ لإنقاص الإجهاد ولطرائق الاسترخاء، مثل التأمّل Meditation واليوغا وفنون الدّفاع عن النّفس Martial arts، تأثيرا إيجابيا أيضا في شواكل هرمونات الإجهاد Stress hormone profiles.
وعلاوة على ما سبق، عندما تكون مستويات DHEA والكورتيزول بعيدة كثيرا عن التوازن، سواء بسبب الإجهاد أم الشيخوخة أم كليهما، تمثّل المعالجة باستعاضة الديهيدرو إيبي آندروستيرون DHEA replacement therapy مداخلة فعّالة وضروريّة. ويعدّ DHEA أحد تلك المغذّيات التي سبق أن روّج لها كوسيلة للشفاء العام وينبوع للشّباب. وفي حين أنّ ذلك قد أدّى إلى زيادة مبيعاته في البداية، لكن ليس هناك شكّ بأنّه عامل هام وفعّال جدا في مقاومة الشيخوخة.
لقد كانت فوائد المعالجة بـ DHEA موضوع دراسة معمّقة في مؤسّسة إطالة الحياة؛ ففي حين أنّه لا يوجد مغذّ يحلّ كلّ مشكلة صحية، لكنّ الباحثين في العالم أثبتوا جملة كبيرة من التأثيرات الإيجابيّة لإعطاء DHEA.
•  DHEA يقي من نقص العظم وتخلخل العظام Osteoporosis
في دراسة أجريت في جامعة واشنطن في سانت لويس وجد أنّ إضافة DHEA يزيد الكثافة المعدنيّة للعظم عند كلّ من الرجال والنساء بعد ستّة أشهر فقط؛ وقد كان DHEA حسب كلمات الباحثين قادرا على “عكس جزئي للتغيّرات المرتبطة بالعمر” في هؤلاء الأشخاص المسنّين؛ فـ DHEA يقدّم اللّبنة البنائيّة للإسترون Estrone، وهو شكل من الإستروجين ينبّه الخلايا البانية للعظم لتوليد المزيد من النّسيج العظمي. ويعدّ النقص الحاد في الإستروجين بعد الإياس (سنّ اليأس) Menopause أحد الأسباب الرئيسيّة للنقص السّريع في الكتلة العظميّة عند النساء خلال السنوات التي تعقب سنّ اليأس مباشرة.
•  DHEA يقي الجلد من الشيخوخة
عندما نتقدّم في العمر، تنتج خلايانا الجلديّة مقادير أكبر من الكولاجيناز Collagenase (الإنزيم المخرّب للكولاجين)؛ ويقوم هذا الإنزيم بتخريب الكولاجين تحت الجلد، ممّا يؤدّي إلى تهدّل الجلد وتغضّنه. وهنا يأتي دور DHEA في أنّه يساعد على الحفاظ على مستويات الكولاجين في الجلد، فيعزّز ملاسته ونعومته وحيويّته. وقد درس العلماء الفرنسيّون تأثيرات المعالجة باستعاضة DHEA في نحو 300 رجل وامرأة بعمر 60-80 سنة على مدى عام واحد. ومن الموجودات التي خرجت بها هذه الدراسة المعروفة جيّدا (تدعى DHEAge Study) أنّ إضافة DHEA حسّنت كثيرا لون جلد الأشخاص الخاضعين للدراسة وتوتّره (متانته) وثخانته وإماهته (وجود الماء فيه).
•  أظهر DHEA أنّه ينقص شحوم الجسم ويزيد كتلته الهبر Lean body mass في كلّ من الذكور والإناث في الدراسة
كما وجد باحثون آخرون أنّ DHEA يزيد معدّل الاستقلاب Metabolic rate، ممّا يساعد على الحدّ من تخزين الشحوم؛ ويساعد DHEA أيضا على الوقاية من الداء السكّري من خلال تنظيمه لسكّر الدم.
•  يتّصف DHEA بتأثير مفيد فعّال في المزاج
فلقد لاحظت دراسات عديدة أنّ إعطاء DHEA قد يعزّز العافية ويزيد مستويات الطاقة، لاسيّما عند المسنّين وفي النساء بعد سنّ اليأس. ويؤثّر DHEA مباشرة في المستقبلات العصبيّة Neuroreceptors في الدماغ والتي تتحكّم بالمزاج Mood. وقد ذكر الباحثون الألمان أنّ DHEA ينقص بشكل ملحوظ مشاعر القلق والاكتئاب عند النساء اللواتي لديهن نقص في مستويات هذا الهرمون بسبب خلل الوظيفة الكظريّة.
•  DHEA ينقص أيضا الأعراض المترافقة مع الإياس (سنّ اليأس)
بما أنّ DHEA طليعة لهرمونات أخرى، بما في ذلك الإستروجين والتّستوستيرون، لذلك قد تحقّق استعاضته (استبداله) العديد من الأهداف نفسها مثل المعالجة التقليديّة المستبدلة للإستروجين عند النساء في سنّ اليأس. وقد أكّد باحثون إيطاليّون مؤخّرا أنّ المعالجة بالـ DHEA ساعدت بشكل ملحوظ على تخفيف الأعراض المزاجيّة والانفعاليّة الشائعة عند النساء في سنّ اليأس.
•  DHEA يعزّز الوظيفة المناعيّة
لقد بيّنت عدّة دراسات أنّ DHEA يستعيد بالكامل الوظيفة المناعية المضطربة عند الحيوانات الشائخة أو المضطربة المناعة في غضون أيام قليلة من إعطائه. وأظهرت دراسات على مجموعة من الرجال المسنّين الذين هم بصحّة جيّدة نوعا ما زيادات ملحوظة في عدد من أوجه الوظيفة المناعيّة، لاسيّما نشاط الخلايا التّائيّة T-cell activity ونشاط الخلايا الفاتكة الطّبيعيّة Natural killer cell activity والخلايا البائيّة B-cells والوحيدات Monocytes.
•  DHEA يحمي من فرط أو زيادة الكورتيزول
ينقص DHEA مستويات الكورتيزول المرتفعة والناجمة عن الإجهاد أو الشيخوخة أو كليهما.

DHEA كعلاج للاكتئاب

يكتب الأطبّاء اليوم أكثر من 35 مليون وصفة سنويا لبعض الأدوية، مثل البروزاك Prozac والزولوفت Zoloft والإفّكسور Effexor؛ وهذه الأدوية هي مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة Selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs) مصمّمة لتفريج أعراض الاكتئاب بالمحافظة على مزيد من السيروتونين في الدّماغ؛ لكنّني أعتقد أنّ الثقافة الطبّية أغفلت أنّ الإجهاد سبب رئيسي للاكتئاب، فضلا عن دور DHEA الكامن في مقاومة الاكتئاب والأعراض الأخرى للإجهاد.
لقد بيّنت الدّراسات أنّ النساء من ذوات المستويات الأكثر انخفاضا لـ DHEA هنّ الأكثر عرضة للاكتئاب، حتّى عندما تتناولن مضادّات الاكتئاب؛ كما تبيّن أنّ DHEA مضادّ اكتئاب فعّال منذ أكثر من 50 سنة؛ ففي خمسينات القرن الماضي 1950s أظهرت الدراسات أنّ إعطاء DHEA يزيد الطاقة ويعزّز المزاج والثقة، ويحسّن الاكتئاب. وخلافا لمضادّات الاكتئاب الصيدلانيّة Pharmaceutical antidepressants، يوفّر DHEA أيضا مجالا واسعا من الفوائد المضادّة للشيخوخة والواقية من الأمراض. وعندما يستعمل DHEA بشكل صحيح، لا يكون له تأثيرات جانبيّة مزعجة. وبالمقابل، يتوقّف نحو ربع الذين يستعملون مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة عن تناولها في نهاية المطاف لأنّ تأثيراتها الجانبيّة (زيادة الوزن، خلل الوظيفة الجنسيّة، وغير ذلك) ببساطة لا تستحقّ ذلك.
نرى اليوم إحياء للاهتمام بهذا الهرمون كمضاد للاكتئاب؛ فقد وجد الباحثون في المعهد الوطني للصحّة النفسيّة National Institute of Mental Health أنّ DHEA قد حسّن الاكتئاب في نحو 60% من الأشخاص المصابين باكتئاب خفيف مزمن، وهذه الاستجابة هي أفضل بوجه عام من الاستجابة لمثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة في هذه الحالة. وعلاوة على ذلك، ذكر المرضى تحسّنا بعد 10 أيّام فقط؛ بينما يمكن أن يتناولوا مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة SSRIs مدّة 6-8 أسابيع للحصول على التأثير. وأظهرت دراسة أخرى في سان فرانسيسكو أنّ DHEA قادر أيضا على مساعدة المرضى الذين شرعوا بتناول مضادّات الاكتئاب، لكنّهم لا يزالون ينتظرون التحسّن من الاكتئاب.
ولقد استعملت DHEA في ممارستي الخاصّة لمعالجة الاكتئاب بنجاح منذ سنين، ولاحظت أنّه قليل التأثيرات الجانبيّة وأكثر فعالية بكثير من غيره، كما وجدت أنّه أكثر كفاءة من مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة SSRIs في جلّ الحالات. ولكنّني وجدت أحيانا، أنّ استعمال DHEA مع جرعة مخفّضة من مضادّات الاكتئاب يعطي أفضل النتائج.
إذا كنت واحدا ممن يتناولون مضادّات الاكتئاب، يمكن أن تجد بأنّ المعالجة باستعاضة DHEA تقدّم معينا بديلا أو قيّما؛ كما أنّ التعاون مع طبيب اختصاصي في الطبّ المناهض للشيخوخة يساعدك على إيجاد أفضل خطّة.

ما وراء الإجهاد: الإنهاك الكظري

قبل الخوض في تفاصيل بروتوكول أو خطّة استعاضة DHEA، أودّ التحدّث قليلا عن التعب أو الإعياء الكظري Adrenal fatigue؛ إذ يبدو أنّ هذه المتلازمة المتعلّقة بالإجهاد أصبحت شائعة أكثر فأكثر بين مرضاي. ويعدّ الإعياء الكظري مرحلة متقدّمة أكثر للاستجابة للإجهاد، حيث تستنفد فيها الغدّتان الكظريّتان Adrenal glands طاقتهما؛ فبعد الإجهاد المطوّل وفرط الإنتاج المديد للكورتيزول، تصبح الغدّتان الكظريّتان عاجزتين عن إنتاج المزيد من الكورتيزول على الإطلاق.
قد تكون الأعراض في الإعياء الكظري مختلفة نوعا ما عن الأعراض الكلاسيكيّة (المدرسيّة) للإجهاد؛ فالمصابون بالإعياء الكظري بشكل عام يجدون أنفسهم بحالة من الشعور بالقهر والانهزام حتّى أمام أقل التحدّيات؛ ويكون التعب المفرط والاكتئاب وفقد الحافز (لاسيّما في الفترة بعد الظهر) من المظاهر النموذجيّة؛ كما أنّ من الشائع الدخول في فترات من القلق ومن الصعوبة في الاسترخاء والخلود للنوم ليلا.
علامات الإنهاك الكظري ADRENAL EXHAUSTION
•    القلق.
•    الاكتئاب.
•    انخفاض ضغط الدم، خفّة الرأس (الدوخة).
•    الرغبة الشّديدة بالسكّر Sugar cravings.
•    الميل إلى الإصابة بالعدوى (مثل نزلات البرد أو الأنفلونزا).
•    صعوبة الشفاء من العدوى.
•    الانهيار بعد الظهر.
•    صعوبة الخلود للنوم، حتّى بعد التعب.
•    فرط الانفعال أو التهيّج عند أوّل علامة للإجهاد أو الضّيق.
كم يستغرق الإجهاد حتّى ينهك الغدّتين الكظريتين؟ يبدو أنّ ذلك معادلة فرديّة بامتياز؛ فبعض النّاس يستطيعون تحمّل مستويات عالية من الإجهاد طوال حياتهم دون أن يصلوا إلى هذه المرحلة، بينما يصاب آخرون بالإنهاك الكظري بسرعة نسبيا ولا يحصلون على الشفاء الكامل.

استعمال DHEA بأمان

يعود الفضل في أنّ DHEA ناجح جدا إلى أنّه مادة فعّالة كثيرا في الجسم؛ ولذلك، لا بدّ من استعماله بحكمة؛ فاستعمال المعالجات الهرمونيّة مثل DHEA ، فضلا عن بروتوكولات استعاضة الهرمونات، يشبه كثيرا قيادة سيّارة سباق، فسيّارة السّباق تنقلك بدقّة من النقطة أ إلى النقطة ب بسرعة، لكنّها تحتاج إلى الكثير من المهارة والتدريب للتعامل معها من دون التسبّب بأذى.
يجب أن يجري استعمال أيّة معالجة هرمونيّة، بما فيها DHEA، بمساعدة اختصاصي مدرّب على الطبّ المناهض للشيخوخة، فهو الذي يستطيع تقييم حالتك الهرمونيّة، وتعديل الجرعات لديك، ومراقبة أيّة تأثيرات جانبيّة، وملاحظة التقدّم المستمر في حالتك.

تحديد مستويات DHEA لديك

يمكن قياس المستويات الهرمونيّة لديك باختبار اللعاب أو الدّم لمعرفة حالة DHEA؛ ومع أنّ اختبارات اللعاب Saliva tests تقدّم بعض الفوائد التقليديّة، غير أنّ منهجيّات Methodology هذا النوع من الاختبارات وتفسيرها لم يتأسّس أو يقيّس (توضع لها معايير) جيّدا بعد. وأنا أفضّل اختبار الدم الذي يقيس مستويات DHEA-S (مستقلب Metabolite الدّيهيدرو إيبي آندروستيرون) في الدم.
يظهر الجدول اللاحق مجالات DHEA النموذجيّة عند الرّجال والنساء من مختلف الأعمار؛ ويلاحظ فيه أنّ مستويات DHEA تبدأ بالانخفاض بعد عمر 30 سنة، ويمكن أن تصبح مهملة تقريبا بعد عمر 60 سنة متوازية في ذلك مع التّراجع العام في صحّتنا وحيويّتنا مع تقدّمنا في العمر. ويسرّع الإجهاد الانخفاض الطّبيعي لـ DHEA وتقدّم الشيخوخة.
مستويات DHEA الطبيعية والمثالية (mcg/dL)
الجنسالعمرالطبيعيالمثالي
الذكر18-30125-619250-450
31-5059-452
51-6020-413
61-8310-285
الأنثى19-3029-781150-350
31-5012-379
سن اليأس10-260
كما يمكنك أيضا أن ترى أنّ ما يكون “نموذجيا Typical” أو “طبيعيا Normal” ليس مثاليا Optimal بالضّرورة؛ وقد يعتقد المختبر أو الطّبيب غير المدرّب على تخصّص الطبّ المناهض للشيخوخة أنّ قيم DHEA الواقعة في المجال الطّبيعي مقبولة؛ ولكنّ المجتمع الطبّي التقليدي يعتقد أيضا أنّ التشيّخ والمرض كلاهما طبيعيّ ومقبول. إن هدفنا ليس الشيخوخة “الطبيعيّة”، بل الصحّة المثاليّة.
ويمكن لأيّ شخص لديه مستويات من DHEA أقل من المثاليّة – سواء بسبب الشيخوخة أو الإجهاد – أن يستفيد من المعالجة باستعاضة الدّيهيدرو إيبي آندروستيرون DHEA replacement therapy. ولقد قامت مؤسّسة إطالة الحياة خلال العقدين الماضيين بتحليل آلاف الاختبارات الدمويّة، وتبيّن أنّ معظم الناس بعد عمر 40 سنة قد يستفيدون من إعطاء DHEA.

هدف المعالجة بـ DHEA

قد تكون مستويات DHEA منخفضة بسبب التأثيرات المثبّطة للإجهاد المستمرّ ونتيجة الانخفاض في إنتاجنا الطّبيعي من هذا الهرمون عندما نكبر؛ ومهما يكن السّبب، يكون هدف المعالجة باستعاضة DHEA استعادة مستوياته إلى المجالات الفتيّة أو المثالية.
يمكن إعطاء DHEA بشكل هلام (جل) يطبّق دهنا على الجلد، أو بشكل معلّق سائل Liquid suspension يوضع تحت اللسان، أو مكمّلات فمويّة Oral supplements، وهي الشكل الذي أفضّله. ويعدّ DHEA مكمّلا غذائيا، وليس دواء، وهذا يعني أنّك تستطيع ابتياعه من دون وصفة في محلاّت الأطعمة الصحّية وفي الصيدليّات وعبر البريد وحتّى في البقالات الكبيرة؛ غير أنّ من المهمّ اختيار المكمّل أو المستحضر من مصنّع محترم يستعمل الشكل الصيدلاني من DHEA، وهذا ما يساعد على ضمان نقائه وجرعاته الثابتة؛ وسيكون طبيبك أو مستشارك الطبّي قادرا على التوصية بصنف جيّد.

الدّلائل الإرشاديّة للجرعات

لقد استعملت معظم الدّراسات المشتملة على إعطاء DHEA عند النساء الجرعات نفسها مثلما استعمل عند الرجال نموذجيا، أي 50 مغ يوميا أو أكثر؛ لكن غالبا ما تحتاج النّساء إلى مقادير من DHEA أقل من الرجال للحصول على نتائج جيّدة.
وبما أنّ DHEA هو طليعة للهرمونات الجنسيّة، لذلك يمكن أن يتحوّل إلى كلّ من الإستروجين والتّستوستيرون في الجسم؛ فعند النّساء، يمكن أن تؤدّي زيادة بسيطة في التّستوستيرون إلى زيادة إيجابية جدا في مستويات الطاقة والإحساس العام بالعافية؛ ولكن عليك أن تحذر من المبالغة في ذلك.
قد تؤدّي الزيادة الكبيرة في DHEA إلى بعض التأثيرات الجانبيّة المزعجة (ولكن غير الخطيرة) عند النساء أحيانا، مثل زيادة التعرّق وزيتيّة أو دهنيّة الجلد أو حب الشباب (العدّ) Acne أو نمو الشعر؛ ولا تشاهد هذه التأثيرات عادة بالجرعات الواقعة دون 50 مغ يوميا؛ لكن إذا حصلت، يمكن التخلّص منها بإنقاص الجرعات.
لقد وجدت أنّ من المفضّل البدء بشكل متحفّظ؛ فبعض النساء لديهن حساسية زائدة حتّى للجرعات الصغيرة من DHEA، ويكفي إعطاؤهن 10 مغ أو 5 مغ يوميا؛ بينما تحتاج الأخريات إلى جرعة أكبر للحصول على التأثيرات المرغوبة؛ ويكون الهدف هو إيجاد أقل جرعة فعّالة. وأنا أبدأ عادة بجرعة 10 مغ يوميا، وأزيدها بمقدار 10 مغ أحيانا (وصولا إلى 50 مغ يوميا كحدّ أقصى) إلى حين بلوغ المستوى المثالي. ويجب الانتظار 2-4 أسابيع لتقييم كفاءة كلّ مستوى قبل زيادة الجرعة.
وبما أنّ الرجال لديهن مستويات أعلى من التّستوستيرون للبدء بها، فهم لا يبدون حسّاسين لـ DHEA مثل النساء، كما تكون الدّلائل الإرشاديّة للجرعات Dosage guidelines عندهم واضحة نسبيا؛ فمعظم الرجال يظهرون استجابة جيّدة جدا بجرعات الاستعاضة البالغة 50 مغ يوميا؛ ويمكن – عند الحاجة – زيادة الجرعات اليومية بمقدار 10 مغ حتى أقصى جرعة آمنة وهي 100 مغ يوميا.
ونظرا إلى أنّ DHEA يمكن أن يكون منشّطا، يفضّل استعماله صباحا بحيث لا يكون له تأثير منبّه عندما محاولة الخلود للنوم. ويفضّل بعض الناس تناول DHEA على جرعتين أو ثلاث جرعات صغيرة خلال اليوم؛ فإذا رغبت بذلك، تأكّد من تناول آخر جرعة قبل السادسة مساء.

مراقبة التقدّم أو التحسّن

إنّ ما تشعر به هو أحد الدّلائل الإرشاديّة القيّمة التي يعتمد عليها الطبيب لمعرفة الجرعة المناسبة من DHEA؛ فإذا لم تلاحظ تحسّنا ملحوظا في الطاقة والمزاج، فقد تحتاج إلى زيادة الجرعات (وصولا إلى الجرعة القصوى الموصى بها) للحصول أو الشعور بالفوائد؛ أمّا إذا بدأت تشعر بفرط التنبيه أو التّململ أو بعدوانيّة مزعجة أو عانيت من أيّة تأثيرات جانبيّة أخرى، فقد يدلّ ذلك على الحاجة إلى إنقاص الجرعة.

الدّلائل الإرشاديّة للجرعات

إذا كنت: ذكرا
ابدأ بـ: 50 مغ/اليوم
زد الجرعة حسب الحاجة بمقدار: 5-10 مغ/اليوم
حتّى جرعة قصوى قدرها: 100 مغ/اليوم
إذا كنت: أنثى
ابدأ بـ: 10 مغ/اليوم
زد الجرعة حسب الحاجة بمقدار: 5-10 مغ/اليوم
حتّى جرعة قصوى قدرها: 50 مغ/اليوم
عندما يتعلّق الأمر بالاستعاضة الهرمونيّة Hormone replacement، يمكن أن تختلف الجرعات الآمنة والفعّالة اختلافا كبيرا من شخص إلى آخر؛ وفضلا عن تقييم طبيبك لما تشعر به، قد يرغب بإعادة اختبار المستويات الدمويّة لمستقلب الدّيهيدرو إيبي آندروستيرون DHEA-S بعد 6-8 أسابيع من إعطائه، أو بعد أي تغيير هام في الجرعات لديك.
وتعطي شاكلة هرمونات الإجهاد Stress hormone profile، والتي تختبر كلا من الكورتيزول و DHEA، أدقّ صورة عن تقدّم حالتك؛ فزيادة مستويات DHEA لديك قد تؤدّي إلى هبوط مستويات الكورتيزول المرتفعة نوعا ما، لذلك يمكن أن يكون حتّى للتحسّن البسيط في DHEA تأثير إيجابي في نسبة DHEA/الكورتيزول.
ولحساب نسبة DHEA/الكورتيزول، تأكّد أوّلا من أنّ قياس كلّ منهما هو بوحدة القياس نفسها (تكون وحدة القياس هي الميكروغرام/دسيليتر mcg/dL في معظم المختبرات)، ثمّ اقسم قيمة DHEA على قيمة الكورتيزول؛ فمثلا، إذا كان مستوى DHEA 210 والكورتيزول 14، تقسم 210 على 14، فتكون النتيجة هي نسبة DHEA/الكورتيزول، وهي في هذه الحالة 210 ÷ 14 = 15.
إذا كانت النتيجة في موضع ما بين 15 و25، فأنت ضمن المجال المستهدف؛ أمّا إذا كانت أقلّ من 15، أو كان مستوى DHEA أقلّ من 150 ميكروغرام/دسيليتر، فالأرجح أن تستفيد من زيادة مقدار ما تتناوله منه؛ وأمّا عندما تكون النتيجة أعلى من 25، وتكون مستويات DHEA أكثر من 350 (بالنسبة إلى النساء) أو 450 (بالنسبة إلى الرجال)، فقد ينقص طبيبك مقدار جرعته التي يتناولها الشخص.
تذكّر أنّ الحالة الطبّية لكلّ شخص مختلفة؛ فهذه الدّلائل الإرشاديّة ليست بديلا عن النصيحة الطبّية المهنيّة والمتواصلة.

الضّبط الدّقيق لجرعات DHEA

دواعي زيادة جرعات DHEA:
– نسبة الدّيهيدرو إيبي آندروستيرون/الكورتيزول أقل من 15
– مستوى الدّيهيدرو إيبي آندروستيرون أقل من 150 ميكروغرام/دسيليتر
– لا يوجد تحسّن في المزاج أو الطاقة
دواعي إنقاص جرعات DHEA:
– مستويات الدّيهيدرو إيبي آندروستيرون أكثر من 450 ميكروغرام/دسيليتر (الرجال) أو 350 ميكروغرام/دسيليتر (النساء)
– تململ Restlessness، عدوانيّة، فرط تنبّه
– جلد دهني أو زيتي أو حب شباب، زيادة نمو الشعر (عند النساء)

من ينبغي ألاّ يستعمل DHEA؟

تكون المعالجة باستعاضة DHEA معالجة مضادّة للشيخوخة آمنة جدا وفعّالة للغاية عند معظم الناس؛ غير أنّ استعمال DHEA عند المصابين بأنماط معيّنة من السرطان ما يزال مثار قلق. ونحن رأينا بوجه عام أنّ DHEA يعزّز الوظيفة المناعية، بما في ذلك قدرة الجسم على مقاومة السرطان. كما أنّ DHEA أظهر في المختبر قدرته على تثبيط نموّ الخلايا السرطانيّة للثدي والبروستاتة، وعلى الوقاية من تشكّل الآفات السرطانيّة؛ وهذا ما يوحي بأنّ المحافظة على مستويات DHEA المثاليّة عندما نتقدّم بالسنّ قد تكون هامة في الوقاية من السّرطان. وفي الواقع، وجدت إحدى الدراسات أنّ الذين لديهم أعلى مستويات من DHEA ينقص خطر سرطان القولون Colon cancer قليلا لديهم.
لكن، هناك بعض القلق من أنّ إعطاء DHEA يمكن أن يثير نموّ سرطان البروستاتة Prostate cancer الموجود مسبقا؛ ويتعزّز هذا السرطان بشكل من التّستوستيرون، ويمكن أن ينقلب DHEA إلى تستوستيرون في الجسم، رغم وجود جدل حاد حول ما إذا كان هذا الشكل من التّستوستيرون الذي يتعزّز بالـ DHEA هو النمط الذي يشجّع نموّ السرطان. ولا يزال البحث في هذه المسألة غير حاسم ، وسنحتاج إلى المزيد من المعلومات للوصول إلى فهم أشمل لجميع الآليّات المؤثّرة؛ وإلى أن يتحقّق ذلك، يفضّل اتخاذ جانب الحذر.
ينصح الرجال المصابون بسرطان البروستاتة بألاّ يستعملوا DHEA، أو بأن يكون استعماله تحت الإشراف الوثيق لاختصاصيي السرطان؛ كما أنّ الرّجال الذين يتناولون DHEA يجب أن يخضعوا لاستقصاءات سنويّة بهدف مراقبة أيّ تبدّل في المستضدّ النّوعي للبروستاتة Prostate-specific antigen (PSA)، وهو واسمة Marker لسرطان البروستاتة. ويوصى بهذا التحرّي الأساسي للسرطان عند جميع الرجال بعد عمر الخمسين، سواء أكانوا يتناولون DHEA أم لا.
كما أنّ هناك قلقا حول تأثير إعطاء DHEA في مستويات الكولستيرول عند النساء؛ فبعض الأبحاث رأت أنّ DHEA قد يسبّب نقصا في البروتين الشّحميّ المرتفع الكثافة HDL (الكولستيرول من النوع “الجيّد”) عند النساء. ولكن، لم يكن التأثير هاما بما يكفي لإثارة قلق كبير، ولا شوهد بوضوح في دراسات أخرى. وفي الحقيقة، يبدو أنّ قدرة DHEA على الوقاية من مرض القلب، بمنع أكسدة البروتين الشّحميّ الخفيض الكثافة LDL (الكولستيرول من النوع “السيّئ”)، أكثر أهمية بكثير.
ولكن، قد يكون من المفيد أيضا التذكّر بأنّ أيّ شخص يستعمل أيّ نمط من المعالجة المستبدلة للهرمونات يجب أن يتعاون مع مستشار طبّي قادر على مراقبة جميع التغيّرات في حالتك الصحّية

الجمعة، 4 ديسمبر 2015

مضادات التأكسد: وقاية الخلايا من الجذور الحرة

مضادات التأكسد: وقاية 


الخلايا من الجذور الحرة

استكشف العلماء دور الجذور الحرة في الشيخوخة والمرض، وكفاءة مضادات التأكسد في مكافحتهما معا. إن التضرر بالجذور الحرة مساهم رئيسي في أكثر أمراض الشيخوخة شيوعا، بما في ذلك السرطان والمرض القلبي والداء السكري وداء آلزهايمر وحتى التهاب المفاصل؛ كما أن المغذيات المضادة للتأكسد ذات فوائد وقائية من جميع هذه الأمراض.

إن التضرر بالجذور الحرة هو واحد فقط من عوامل عديدة تقود عملية التشيخ، وليس السبب الوحيد له. ومع ذلك، تبقى الوقاية من التضرر بالجذور الحرة حجر الزاوية في أي برنامج لاتقاء المرض ومكافحة عملية التشيخ.

ما هي الجذور الحرة؟

الجذر الحر Free radical مصطلح يدل على جزيء يحتوي على إلكترون مفرد (غير متزاوج) أو أكثر يدور حوله؛ وقد تكون الجذور الحرة صغيرة بشكل ذرة واحدة، أو كبيرة بشكل جزيئات أكثر تعقيدا. وفي حين توجد أنماط مختلفة من الجذور الحرة، هناك شيء مشترك بينها جميعا: يولد الإلكترون المفرد (غير المتزاوج) شحنة كهربية (كهربائية) غير متوازنة، وبذلك يسعى الجذر الحر إلى التصحيح بإيجاد إلكترون آخر لاستعادة توازنه.
وخلال بحث الجذور الحرة عن الإلكترونات، يمكن أن تسرق الإلكترونات من الجزيئات المستقرة التي يتصادف قربها منها؛ وقد يؤدي ذلك إلى بدء تفاعل تسلسلي في محاولة من الجزيء الجديد غير المستقر لتعويض الإلكترون الذي فقده وذلك بسرقته من جزيء مجاور وهكذا؛ يبدأ شلال من التخريب الجزيئي؛ وينتشر الضرر من خلية إلى خلية بطريقة مشابهة تماما لانتشار الصدأ في المعدن، ولكن بشكل أسرع.
ويمكن أن يرتبط الجذر الحر – بدلا من ذلك – بإلكترون من جزيء مجاور، ويحاول أن يشارك إلكترون مع مضيفه؛ وفي حالة الجزيء البيولوجي، مثل البروتين أو الإنزيم، قد تشوه إضافة الجذر الحر الجزيء المضيف بطريقة لا يعود معها يعمل أو يقوم بوظيفته بشكل صحيح.
وإذا أخذنا الضرر الناجم عن الجذور الحرة بعين الاعتبار، يكون من السهل النظر إلى الجذر الحر كنوع ما من الجرثوم الخطر أو العدو المتدخل؛ لكن الحقيقة هي أن الجذور الحرة منتوج ثانوي طبيعي ومحتوم للاستقلاب المعتمد على الأكسجين لدينا.
فعندما تنتج المتقدرات في كل خلية من خلايانا ATP، وهو جزيء الطاقة الخلوية التي تمد الحياة نفسها، تتولد أعداد كبيرة من الجذور الحرة؛ وحينما تلتهم كرياتنا البيضاء وتخرب الفيروسات أو الجراثيم، تتولد الجذور الحرة كجزء هام من عملية الدفاع. كما أنه عندما نتمرن، يغمر القلب والعضلات الأخرى بالجذور الحرة التي ينتجها تنفسنا الزائد واستعمال الطاقة لدينا. وتتولد الجذور الحرة أيضا عندما يقوم الكبد بإزالة السمية من المواد الكيميائية. وفي كل مرة نخرج من البيت ونشعر بدفء الشمس على جلودنا، يؤدي الإشعاع فوق البنفسجي إلى توليد الجذور الحرة في أجسامنا.
والخلاصة، تعد الجذور الحرة حصيلة طبيعية للحياة عند الأحياء التي تعتمد في طاقتها على الأكسجين. وقد لاحظ هانز سيلي Hans Selye كباحث في الإجهاد أن الغياب التام للإجهاد يعني الموت. وبالمثل، يدل الغياب الكامل لنشاط الجذور الحرة على نهاية الحياة؛ ولكن الجذور الحرة يمكن أن تؤدي في الوقت نفسه إلى خلل في بنية خلايانا ووظيفتها. ولكن، ولله الحمد، يمتلك الجسم جهازا رائعا يسمح له بالمحافظة على التوازن بين عمليات الأكسدة Oxidative processes التي تعطي الطاقة للحياة والآليات التي تحمي الخلايا من التضرر بالجذور الحرة.
تمثل مضادات التأكسد الدفاع الطبيعي في جسمك ضد الجذور الحرة، فهي تحمي نسجك وأعضاءك من الضرر التأكسدي بتنظيف الجذور الحرة قبل أن تتمكن من مهاجمة الخلايا غير المنيعة؛ فهذه المركبات الخاصة تضحي بنفسها من خلال التبرع بإلكترون لتثبيت الجذور الحرة. وبعد أن يتخلى مضاد التأكسد عن الإلكترون، يتحطم إلى مركب غير ضار (مثل الماء) أو يعاد شحنه بإلكترون جديد ويعود إلى عمله. ويحول هذا الجهاز دون حصول تأثير الدومينو Domino effect لسرقة الإلكترونات المتزايد أو المتتابع، كما ينقذ الخلايا والنسج المحيطة من الضرر.

الإجهاد التأكسدي يعجل عملية التشيخ

ما دام الجسم لديه إمداد كاف بالمغذيات المضادة للتأكسد، يبقى التضرر بالجذور الحرة في حده الأدنى؛ ولكن إذا كانت المدخرات من مضادات التأكسد غير كافية للتعامل مع مقدار نشاط الجذور الحرة المتولدة في الجسم، تبدأ تلك الجذور الحرة بمهاجمة الخلايا والنسج السليمة، وينزلق الجسم إلى حالة من الإجهاد التأكسدي Oxidative stress.
يبدأ الإجهاد التأكسدي على المستوى الجزيئي والخلوي، حيث يؤدي نشاط الجذور الحرة إلى خلل في الأغشية الخلوية والـ د أن إي DNA والإنزيمات وفي تركيب البروتين ووظيفة المتقدرات؛ وسرعان ما يتقدم الضرر إلى المستوى البنيوي والوظيفي مسببا اضطرابا في الأوعية الدموية والخلايا العصبية والجلد والعضلات والأعضاء. وتقود الإصابات التراكمية في نهاية المطاف إلى شيخوخة مبكرة وأمراض مزمنة وتنكسية.
تعد الأغشية الخلوية – الغنية بالحموض الدهنية – هدفا مفضلا للجذور الحرة؛ وعندما يتضرر الغشاء الخلوي، يبدأ بمواجهة صعوبة في المحافظة على سلامة محتويات الخلية، وتتسرب السموم إلى داخل الخلية، بينما تتسرب المغذيات والماء إلى خارجها؛ وتصبح الخلية متجففة ومضعفة، وقد تموت. وقد يؤدي الإجهاد التأكسدي إلى تراكم الحطام الخلوي المسمى ليبوفوسين Lipofuscin، حيث يمكن أن تترافق رواسب الليبوفوسين أيضا بكل من التنكس البقعي Macular degeneration وداء آلزهايمر Alzheimer’s disease.
ويتلف الجذر الحر داخل الخلية البنية الدقيقة لجزيء الـ د أن إي، فسرقة الإلكترونات من الـ د أن إي DNA قد يولد بسرعة طفرات وعيوبا في النسخة الخلوية من تسلسل الـ د أن إي DNA sequence الذي يرشد الخلية إلى أسلوب التصرف. وقد تتوقف الخلية عن القيام بوظائفها على النحو الصحيح أو تموت أو تتحول إلى خلية تنمو بسرعة كبيرة (خلية سرطانية).
وعندما تسير الجذور الحرة في الدم، يمكنها أيضا أن تؤكسد الدهون (الكولستيرول) في الدم، فتجعل الكولستيرول أكثر لزوجة والتصاقا وأكثر ميلا إلى التراكم في الأوعية الدموية؛ ويزيد تضرر جدران الأوعية الدموية بالجذور الحرة خطر أمراض القلب والسكتة وداء آلزهايمر أكثر.
تهاجم الجذور الحرة بروتينات الجسم أيضا، فتمسخ (تشوه) الإنزيمات التي يحتاج إليها جسمك للقيام بالإصلاح الخلوي وصيانة الخلايا؛ كما يمكن أن تؤكسد الجذور الحرة البروتينات البنيوية في الجلد، مما يؤدي إلى التجاعيد ونصول اللون (تغير اللون) وسرطانات الجلد. وعندما يطلق للجذور الحرة العنان في النسيج الغضروفي الذي يبطن المفاصل، يمكن أن تؤدي إلى الألم المفصلي والفصال العظمي (التهاب العظم والمفصل) Osteoarthritis. كما يتهم الضرر التأكسدي في ظهور الساد (تكثف عدسة العين وغياب شفافيتها) المرتبط بالعمر Age-related cataract.
يعد الضرر الناجم عن الجذور الحرة مساهما رئيسيا في معظم الاضطرابات التنكسية والأمراض المرتبطة بالعمر.

من هم الذين يتعرضون لخطر الإجهاد التأكسدي؟

نحن جميعا عرضة للجذور الحرة، لكن بعض العوامل تزيد خطر الإجهاد التأكسدي؛ وتشتمل عوامل الخطر هذه على:
• القوت أو النظام الغذائي الفقير (بالمغذيات)
يكون الأشخاص الذين يقل مدخولهم من المغذيات المضادة للتأكسد في خطر مرتفع من الإجهاد التأكسدي؛ وبوجه عام، لا يحتوي النظام الغذائي المعاصر من الأطعمة المعالجة إلا على نسبة قليلة من مضادات التأكسد التي كانت تستهلك بشكل يومي من قبل أسلافنا.
• العمر
يزداد الضرر الناجم عن الجذور الحرة مع العمر، حيث تميل مدخرات الجسم من مضادات التأكسد إلى التراجع مع تقدمنا في العمر؛ ويصبح الجهاز الهضمي أقل كفاءة في استخلاص المغذيات المضادة للتأكسد وامتصاصها. كما أن التغيرات المبرمجة وراثيا في الوظيفة الخلوية تؤدي إلى بطء التصنيع الذاتي للمغذيات المضادة للتأكسد في الجسم.
• التمارين المكثفة
يكون الرياضيون في خطر مرتفع من الإجهاد التأكسدي بسبب الأعداد الكبيرة من الجذور الحرة المتولدة في العضلات والرئتين والقلب خلال التمارين الشاقة؛ كما أن أي شخص يمضي وقتا طويلا من الزمن خارج الظل يتعرض لعبء تأكسدي زائد نتيجة التعرض للإشعاع فوق البنفسجي في الشمس.
• التعرض للسموم
يزداد العبء التأكسدي عند الذين يتعرضون للملوثات البيئية، مثل الضباب الدخاني Smog ودخان السجائر ومبيدات الحشرات وغير ذلك من السموم الصناعية أو الزراعية؛ وقد أصبح التعرض الكثيف في مجتمعاتنا الصناعية – وللأسف – لهذه الملوثات البيئية في الهواء والطعام وموارد المياه سمة طبيعية.
• المرض
يكون نشاط الجذور الحرة عالي المستوى أيضا عند المصابين بأمراض مزمنة أو عدوى أو التهاب؛ ولا بد من المزيد من الوقاية للتقليل من تأثيرات الإجهاد التأكسدي خلال المرض.

قياس الإجهاد التأكسدي

هناك عدد من الاختبارات الطبية التي يمكن من خلالها تقييم مستوى الإجهاد التأكسدي و/أو الحالة التأكسدية لديك؛ ويمكننا أيضا قياس مستوى مضادات التأكسد المختلفة ونشاطها في الدم. كما نستطيع اختبار البول بحثا عن المستقلبات التي تدل على مقدار نشاط الجذور الحرة الجامحة. وهناك شواكل وراثية تقيم القدرة المتأصلة لدى الفرد على مكافحة الإجهاد التأكسدي. ونحن تستطيع حتى رؤية خلايا الدم تحت المجهر بحثا عن دليل على الخلل الغشائي أو غير ذلك من المؤشرات على الإجهاد التأكسدي.
إذا وجد لديك عامل أو أكثر من عوامل الخطر التي تجعلك في خطورة خاصة من الإجهاد التأكسدي، مثل التعرض الكثيف للملوثات أو السموم والاضطرابات الالتهابية المزمنة وأمراض المناعة الذاتية والأمراض الخطيرة كالسرطان، أو إذا كنت من محترفي الرياضة، فقد تحتاج إلى التفكير باختبارات الإجهاد التأكسدي بطريقة تضمن أن برنامج مضادات التأكسد لديك مكثف بما يكفي للتعامل مع الإجهاد التأكسدي الذي تقع تحت تأثيره. ولكن النظام العلاجي بالمغذيات المضادة للتأكسد المدرج لاحقا يؤمن حماية كافية من الإجهاد التأكسدي عند معظم الناس.

التقليل من التعرض للجذور الحرة

يعد الكثير من الجذور الحرة في الجسم – مثلما رأينا – منتوجات ثانوية للاستقلاب لا يمكن تجنبها؛ لكن بعض ما نتعرض له منها يخضع لسيطرتنا. ويمكن أن يساعد التقليل من تعرضنا لمصادر الجذور الحرة التي يمكن تجنبها على الحد من خطر الإجهاد التأكسدي؛ فمثلا:
• تجنب التعرض المكشوف للشمس، والذي يؤدي إلى تضرر الجلد بالجذور الحرة (مما يسبب سرطان الجلد والشيخوخة الباكرة).
• قلل من التعرض للمواد الكيميائية الزراعية بتناول الأطعمة العضوية وشرب ماء منقى؛ فهذا ينقص من عبء السموم على كبدك، ويقلل من تولد الجذور الحرة.
• يمكن أن يولد الالتهاب المزمن جذورا حرة؛ ولذلك، يساعد الحد من الالتهاب على إنقاص التضرر بالجذور الحرة في الجسم.
• تجنب تنفس الأبخرة المنطلقة من الدهان الزيتي والغازولين ومواد التنظيف الكيميائية والمواد الكيميائية الطيارة الأخرى، حيث تولد هذه المواد نشاطا للجذور الحرة في الرئتين والدماغ.
• استعمل المرش الرأسي المزيل للكلور للتقليل من مقدار الكلور الممتص عبر الجلد.
• اجعل بينك وبين أفران المكرويف مسافة عند تشغيلها لا تقل عن 90 سم.
• يحميك الجيل الجديد من شاشات الحواسيب المسطحة Flat-screen LCD computer monitors (ويحمي عينيك) من الأشعة الضارة.
وبذلك، يمكنك التقليل من الإجهاد التأكسدي نوعا ما من خلال إنقاص تعرضك لهذه الأشياء المحرضة للجذور الحرة. وهناك وسيلة أخرى لدينا للتقليل من الإجهاد التأكسدي وهي زيادة مقدار مضادات التأكسد المتوفرة في الجسم للتغلب على نشاط الجذور الحرة قبل أن تؤذي نسجا أخرى. وتساعد المكملات على ردم الفجوة بين حاجات الجسم من مضادات التأكسد ومقدار الإمداد المتوفر له.

الوقاية من الإجهاد التأكسدي

يعتمد جسمك على عدد من المركبات المختلفة المضادة للتأكسد لحماية خلاياه ونسجه المختلفة من المصادر العديدة لنشاط الجذور الحرة؛ فلكل مضاد تأكسد مصادره وتأثيراته ومسالكه وأهدافه المميزة، وهي تؤمن بعملها معا كفريق دفاعا شاملا.
ومن الطرق التي تعمل من خلالها مضادات التأكسد معا تفعيل أو تجديد بعضها البعض؛ فمثلا، يمكن أن يعطي جزيء الفيتامين E أحد إلكتروناته لتثبيت الجذر الحر، ثم يعيد جزيء الفيتامين C شحن جزيء الفيتامين E من خلال تزويده بإلكترون جديد؛ ويعاد شحن جزيء الفيتامين C بالغلوتاثيون المضاد للتأكسد antioxidant glutathione، وهكذا دواليك.
ويدعى هذا التبادل الإلكتروني من الناحية الكيميائية دورة الأكسدة والاختزال (الإرجاع) Redox cycle، لأنه يشتمل على توليفة من تفاعلات الاختزال والأكسدة. ويعد نظام الأكسدة والاختزال في الحماية والتجديد المتبادلين أحد الأسباب التي تجعلنا بحاجة إلى ضروب مختلفة من مضادات التأكسد للحصول على فريق دفاعي قوي منها.

مضادات التأكسد تحميك من الأمراض

لقد أظهرت الدراسات مرة بعد مرة أن الذين يتناولون الكثير من المغذيات المضادة للتأكسد، سواء من مصادر غذائية أو من المكملات، يقل لديهم خطر المرض القلبي والأنواع المختلفة للسرطان (بما في ذلك الثدي والبروستاتة والمثانة والمبيض وغير ذلك) والساد (تكثف عدسة العين) وشيخوخة الجلد.

مضادات التأكسد الأساسية

يصنع الكثير من مضادات التأكسد التي نحتاج إليها في خلايانا؛ لكن بعض مضادات التأكسد لا يمكن أن تصنع في الجسم، بل يجب الحصول عليها من مصدر خارجي، وهي تدعى المغذيات الأساسية Essential nutrients، وتشتمل على الفيتامين C والفيتامين E والبيتا – كاروتين Beta-carotene والسيلينيوم Selenium.

الفيتامين C

الاسم الكيميائي للفيتامين C، أي حمض الأسكوربيك Ascorbic acid، فمشتق من كلمة Antiscorbutic (مضاد البثع) التي تعني “antiscurvy”.
يعطي الفيتامين C (يعرف أيضا باسم حمض الستريك Citric acid) طعما لاذعا بشكل مميز للأطعمة، ويستعمل على نطاق واسع كحافظ طبيعي للوقاية من أكسدة الأطعمة المحضرة مسبقا والمعلبة؛ وهو يوجد بشكل طبيعي في الفواكه والخضار، لاسيما الحمضيات والفواكه المدارية أو الاستوائية (الجوافة Guava، الكيوي Kiwi، البابايا Papaya، المنجة Mango) والبندورة (الطماطم) والفلفل والبطيخ.
يستعمل الفيتامين C في كامل الجسم للوظائف الخلوية والاستقلابية، مثل بناء العظام والغضاريف والجلد. كما يمارس دورا خاصا كمضاد تأكسد في الوقاية من تضرر الـ د أن إي DNA بالجذور الحرة. وبما أن الفيتامين C لا يختزن في الجسم، لذلك يستنفد أو ينضب بسرعة، ولا بد من تعويضه من خلال المدخول المنتظم له. ويبلغ المقدار الموصى به من الفيتامين C كمضاد تأكسد 2-4 غ (2000-4000 مغ) يوميا.
مفارقة الفيتامين C
يستعمل الكثير من الأطباء من ذوي التوجه الغذائي الفيتامين C بجرعات مرتفعة جدا لأهداف علاجية نوعية، مثل العدوى الفيروسية أو السرطان. كما يمكن إعطاء الفيتامين C فمويا بمقادير تصل حتى 10-20غ، أو أكثر من ذلك وصولا إلى 30-60غ عند تطبيقه وريديا، تحت إشراف مباشر من الطبيب.
ولكن الفيتامين C في هذه الحالة لا يستعمل كمضاد تأكسد لتنظيف الجذور الحرة، بل يعتقد أنه يعمل كطليعة تأكسد Pro-oxidant، فيخرب الجراثيم والفيروسات وحتى الخلايا السرطانية عبر أكسدتها. ويمكن أن تزيد الجرعات الكبيرة من الفيتامين C حمل الجذور الحرة فعليا في الجسم، مما يزيد حاجة الجسم من مضادات التأكسد الأخرى. ومع أن الفيتامين C بجرعات عالية (فموية أو وريدية) قد يكون معالجة فعالة جدا، لكن ينبغي ألا يعطى بهذه المقادير إلى من قبل طبيب مؤهل.

الفيتامين E

الفيتامين E هو فيتامين ذواب في الدهن، يمارس دورا خاصا في الوقاية من أكسدة الكولستيرول في الدم، وحماية أغشية الخلايا من الضرر الناجم عن الجذور الحرة؛ وهذا ما يجعل الفيتامين E ذا أهمية خاصة في الوقاية من أمراض القلب والسكتة، كما يعزز الوظيفة المناعية أيضا.
ولقد تبين في دراسات واسعة النطاق أن إعطاء الفيتامين E يقلل خطر أمراض القلب والنوبة القلبية، وينقص خطر سرطان البروستاتة والثدي والقولون، ويقي من ظهور داء آلزهايمر.
يختزن الفيتامين E في النسج الدهنية للجسم، بما في ذلك الجلد، ويساعد على حماية الجلد من الضرر الناجم عن الجذور الحرة والمحرض (المستحث) بالأشعة فوق البنفسجية؛ كما يساعد على حماية العينين من الضرر الناجم عن الجذور الحرة والذي يؤدي إلى الساد (تكثف عدسة العين أو الجسم البلوري).
توجد عائلتان من الفيتامين E، التوكوفيرولات Tocopherols والتوكوترينولات Tocotrienols؛ وتقسم كل عائلة إلى أربعة أشكال مختلفة على الأقل (ألفا وبيتا ودلتا وغاما). ومع أن معظم مكملات الفيتامين E (ومعظم الأبحاث السريرية حتى تاريخه) لا تستعمل إلا التوكوفيرول ألفا، لكن دراسات حديثة أكثر رأت أن مزيجا من التوكوفيرولات والتوكوترينولات تعطي وقاية أفضل بكثير ضد الضرر الناجم عن الجذور الحرة. كما تعد الأشكال الطبيعية أفضل من الأشكال التركيبية أو التصنيعية (التوكوفيريلات Tocopheryls). ويبلغ المقدار الموصى به من الفيتامين E كمضاد أكسدة 400-1200 وحدة دولية يوميا.

البيتا – كاروتين

البيتا – كاروتين Beta-carotene هو أحد أشباه الكاروتين Carotenoids، وهي عائلة كبيرة جدا من المغذيات المضادة للتأكسد التي أول ما اكتشفت في الجزر Carrots، ومن هنا جاء اسمها. كما أن من المصادر الجيدة للبيتا – كاروتين الفواكه والخضار الأخرى، لاسيما الصفراء أو البرتقالية منها كالبطاطا الحلوة والقرع والمنجة والبابايا Papaya، وكذلك الخضار ذات الأوراق الخضراء Leafy green vegetables.
يستعمل جسمك البيتا – كاروتين لتصنيع الفيتامين A، وهو فيتامين ذواب في الدهن؛ وفضلا عن أن الفيتامين A مضاد تأكسد قوي، فهو يساعد على حفظ صحة الشبكية ووظيفتها، ويرمم النسج، ويقاوم العدوى. وتكون مستويات البيتا – كاروتين والفيتامين A مرتفعة في الدم عند الأشخاص الذين يستهلكون الكثير من الأطعمة الغنية بالكاروتين، كما يقل لديهم خطر سرطان الرئة والقولون؛ ويشاهد هذا التأثير الوقائي عند كل من المدخنين وغير المدخنين.
كما تشتمل الأطعمة التي تحتوي على البيتا – كاروتين على ضروب مختلفة من أشباه الكاروتين الأخرى، بما في ذلك الكاروتينات ألفا وغاما ودلتا، فضلا عن الزيازانثين Zeaxanthin والكريبتوزانثين Cryptoxanthin والليكوبين Lycopene واللوتين Lutein؛ ومن بين جميع أشباه الكاروتين، يعد البيتا – كاروتين أقوى طليعة للفيتامين A على الإطلاق، وهو الكاروتين الذي أفرد للبحث كواق محتمل من السرطان. لكن الناس الذين يأكلون أطعمة غنية بالبيتا – كاروتين يستهلكون أيضا الكثير من أشباه الكاروتين الأخرى هذه أيضا. ويبدو أن مضادات التأكسد القوتية الأخرى هذه تمارس دورا هاما في الوقاية من السرطان.
عندما يؤخذ البيتا – كاروتين كمكمل غذائي أو قوتي، ينبغي أن يكون ذلك مع أشباه كاروتين ومضادات تأكسد أخرى؛ وتتجلى أهمية ذلك عند المدخنين؛ ويوصى في سياق الوقاية بمضادات التأكسد بمكمل يحتوي على مزيج من أشباه الكاروتين ويؤمن 5000-10000 وحدة دولية من البيتا – كاروتين.
كما يمكن أن يؤخذ الفيتامين A كمكمل، لكنه واحد من الفيتامينات القليلة ذات العتبة المنخفضة نوعا ما للتسمم؛ فالمقادير الزائدة أو المفرطة يمكن أن تؤدي مع الوقت إلى أعراض تشتمل على الصداع والدوخة وتساقط الشعر وتشوش الرؤية وجفاف الجلد أو تقشره؛ كما قد يسبب الفيتامين A بالجرعات العالية ضررا كبديا. ولذلك، يمكن أن يؤخذ الفيتامين A بأمان بمقادير تصل حتى 5000 وحدة دولية يوميا.

السيلينيوم

السيلينيوم Selenium معدن مضاد للتأكسد يحطم جذور البيروكسيد peroxide radicals الضارة إلى جزيئات ماء وأكسجين غير ضارة. وتظهر أدلة كثيرة أن السيلينيوم مغذ مضاد للسرطان قوي؛ ففي أولئك الذين لديهم مستويات منخفضة من السيلينيوم، يزداد خطر العديد من أنواع السرطان (بما في ذلك القولون والثدي والمبيض والبروستاتة والرئة). ولقد تبين أن إعطاء السيلينيوم ينقص وقوع سرطانات البروستاتة والرئة والقولون والجلد.
يختلف مقدار السيلينيوم في الأطعمة التي تأكلها اختلافا كبيرا حسب التربة التي نمت فيها؛ كما أن السيلينيوم في اللحم والأطعمة البحرية أيضا يرتبط بكميته في المصدر الطعامي للحيوان. وتبلغ الجرعة الموصى بها من مكمل السيلينيوم 200 مكغ يوميا، والشكل المفضل من السيلينيوم هو السيلينوميثيونين Selenomethionine المشتق من الخضار الصليبية Cruciferous vegetables مثل القنبيط Broccoli.

مضادات التأكسد التي يصنعها جسمك

فضلا عن مضادات التأكسد الأساسية المشتقة من المصادر الخارجية، تقوم خلايانا أيضا بتصنيع مضادات تأكسد هامة، وهي تشتمل على تميم الإنزيم Q10 والغلوتاثيون Glutathione وحمض ألفا – ليبويك Alpha-lipoic acid. ولكن، يمكن أن يبطؤ إنتاج الجسم لهذه المغذيات مع تقدمنا بالعمر، وذلك هو واحد من الكثير من التغيرات المبرمجة وراثيا في الوظيفة الخلوية والتي تساهم في الشيخوخة. ويمكننا التعويض عن النقص المرتبط بالعمر في مضادات التأكسد الخلوية بالمكملات التغذوية.

تميم الإنزيم Q10

يدعى تميم الإنزيم Q10 اليوبيكوينون Ubiquinone أيضا، وهو أغزر مضادات التأكسد الخلوية (اشتق اسم اليوبيكوينون من كلمة واسع الانتشار Ubiquitous التي تدل على “الوجود في كل مكان”). وبالإضافة إلى أن تميم الإنزيم Q10 مضاد تأكسد قوي بحد ذاته، فهو يساعد على إبقاء مستويات الفيتامينين C وE مرتفعة في الجسم.
يعد تميم الإنزيم Q10 هاما بشكل خاص في حماية النسج الدماغية والقلبية، وهي النسج العضوية التي تمتلك حاجات كبيرة جدا من الطاقة، وتتعرض لأعداد كبيرة من الجذور الحرة. عندما ينخفض الإنتاج الخلوي لتميم الإنزيم Q10 مع العمر، يتعرض القلب والدماغ بشكل متزايد للضرر الناجم عن الجذور الحرة.
يمكن أن يعيد تناول تميم الإنزيم Q10 كمتمم مستويات هذا المغذي في النسج التي نقص فيها إنتاجه الخلوي. وأظهرت الدراسات أن إضافة تميم الإنزيم Q10 تنقص الإجهاد التأكسدي، وتزيد المستويات الخلوية للفيتامينين C وE. وتتحقق وقاية أساسية جيدة من الضرر التأكسدي بجرعة 50-200 مغ يوميا؛ ويمكن أن يوصى بجرعة تصل حتى 400-600 مغ يوميا عند الذين لديهم مشاكل معينة، مثل أمراض القلب.

الغلوتاثيون

يتمتع الغلوتاثيون Glutathione GSH بدور نوعي في حماية الخلايا المناعية من الضرر الناجم عن الجذور الحرة؛ فكريات الدم البيضاء تقوم بجولة في مجرى الدم بحثا عن الدخلاء، مثل الجراثيم أو الفيروسات أو الخلايا السرطانية؛ وعندما تعثر على عامل ممرض Pathogen، تعطله بأكسدته، فتتحرر جذور حرة في هذه العملية، ويؤدي ذلك إلى إحداث تهديد لا يقتصر على النسج المحيطة وحسب، بل يتعداه إلى الكريات البيض نفسها.
ويعمل الغلوتاثيون كحارس لكريات الدم البيضاء، فيستعدل الجذور الحرة التي تتولد من الخلايا المناعية خلال قيامها بوظيفتها؛ كما يساعد الغلوتاثيون على إعادة دورة الفيتامينين C وE من خلال شلال الأكسدة والإرجاع Redox cascade. ويمثل الغلوتاثيون أيضا أهم مسلك لإزالة السمية في الكبد.
ويميل مستوى الغلوتاثيون في الخلايا، مثله مثل مضادات التأكسد الخلوية الأخرى، إلى الانخفاض مع تقدمنا بالعمر، كما يوجد نقص في مستويات الغلوتاثيون عند المصابين بالأمراض التنكسية مثل المرض القلبي وداء آلزهايمر وداء باركنسون.
ينطوي تناول الغلوتاثيون كمكمل على مشاكل، لأن الكثير من جزيئه يتحطم في الجهاز الهضمي قبل أن يمتص من الخلايا؛ لكن تناول المغذيات المضادة للتأكسد، مثل الفيتامين C وحمض ألفا – ليبويك، يساعد على زيادة تصنيع الغلوتاثيون في الخلايا.
كما يمكنك أن تساعد جسمك على إنتاج المزيد من الغلوتاثيون بإعطاء الحموض الأمينية التي تعمل كلبنات بناء له، حيث يتكون الغلوتاثيون من ثلاثة حموض أمينية مختلفة: الغلوتامين Glutamine والميثيونين Methionine والسيستئين Cysteine، وقد يكون السيستئين أقل هذه الحموض الثلاثة مدخولا؛ ويمكن الحصول عليه بشكل ن – أسيتيل سيستئين N-acetylcysteine (NAG)، وهو شكل يمتص جيدا. ويعد ن – أسيتيل سيستئين بحد ذاته مضاد تأكسد قويا، ويمكن أن يساعد على تعزيز إنتاج الغلوتاثيون في الخلايا. ويشكل مسحوق بروتين المصالة Whey protein powder مصدرا آخر للسيستئين الذي تبين أنه يعزز إنتاج الغلوتاثيون.
ولتعزيز إنتاج الغلوتاثيون، تناول 500 مغ من ن – أسيتيل سيستئين أو ملعقة إلى ملعقتين من بروتين المصالة الممزوج مع العصير أو الحليب يوميا.

حمض ألفا – ليبويك

يعد حمض ألفا – ليبويك Alpha-lipoic acid ALA لاعبا متعدد المهارات في فريق مضادات التأكسد، لاسيما وأنه ذواب في كل من الماء والدهن؛ ويعزز حمض ألفا – ليبويك إنتاج الطاقة في المتقدرات، ويحمي الأغشية المتقدرية من الضرر التأكسدي، ويقي الجسم من المعادن الثقيلة السامة مثل الكادميوم والأرسينيك (الزرنيخ) والرصاص. ويكون حمض ألفا – ليبويك واقيا بشكل خاص للخلايا الدماغية، حيث يحميها من الضرر التأكسدي، كما يقي الدماغ من تأثيرات نقص الأكسجين (كما في السكتة).
يمثل حمض ألفا – ليبويك في نظام مضادات التأكسد الدفاعي لاعبا مكملا للفريق، فهو يزيد مستوى الغلوتاثيون المتوفر للخلايا، ويساعد على إعادة دورة (تطوير) الفيتامينين C وE. كما يبدو أن حمض ألفا – ليبويك يضعف إذا كانت مستويات مضادات التأكسد الأخرى منخفضة. وتظهر الدراسات أن حمض ألفا – ليبويك يقي بشكل كامل من أعراض عوز الفيتامين E.
يتمتع حمض ألفا – ليبويك بقدرة استثنائية على تحسين استجابة الجسم للغلوكوز واستعماله، وهو يستخدم على نطاق واسع في أوروبا لمعالجة الداء السكري والوقاية من مضاعفاته؛ وتفيد تأثيرات حمض ألفا – ليبويك المضادة للتأكسد بشكل خاص في وقاية مرضى السكري من الضرر التأكسدي على مستوى الأعصاب والقلب، وهو يعطى بجرعة 300-1200 مغ يوميا في هذه الحالة.
تبلغ الجرعة الموصى بها من حمض ألفا – ليبويك كمضاد تأكسد 250-500 مغ يوميا، حيث تقسم الجرعة إلى 2-3 دفعات خلال اليوم.

مضادات التأكسد الخلوية والتعب

يولد إنتاج الطاقة عددا كبيرا من الجذور الحرة، كما أن الخلايا الدماغية تنتج وتستعمل من الطاقة أكثر من أي نمط خلوي آخر؛ فإذا وجد نقص في مضادات التأكسد في النسيج الدماغي، تتعرض الخلايا الدماغية للجذور الحرة بشدة.
لكن يبدو أن الدماغ يمتلك آلية وقائية تتحسس مدخرات مضادات التأكسد المتوفرة للتغلب على الجذور الحرة.
وبتعزيز مستويات مضادات التأكسد الخلوية (تميم الإنزيم Q10 وحمض ألفا – ليبويك والغلوتاثيون)، يمكن أن ترسل الإشارة إلى الدماغ بأنه من المأمون زيادة إنتاج الطاقة؛ ولقد وجدت أن التغذية المكثفة بمضادات التأكسد تؤدي إلى نتائج هائلة عند المرضى الذين يعانون من متلازمات التعب.

مضادات التأكسد التي لا تحتاج إلى تناولها

فضلا عن المغذيات المضادة للتأكسد، يعتمد دفاع الجسم ضد الجذور الحرة على عدة إنزيمات مضادة للتأكسد يصنعها الجسم. وتشتمل الإنزيمات الثلاثة المضادة للتأكسد الأكثر أهمية على ديسموتاز فوق الأكسيد Superoxide dismutase SOD والبيروكسيداز Peroxidase والكاتالاز Catalase.
وخلافا للمغذيات المضادة للتأكسد التي يستعدل الجذور الحرة من خلال منح الإلكترونات، تحطم الإنزيمات المضادة للتأكسد الجذور الحرة ببساطة إلى قطع، وتعيد تركيب مركبات غير ضارة منها؛ فديسموتاز فوق الأكسيد مثلا يحول جذور فوق الأكسيد الخطرة إلى جزيئات فوق أكسيد الهيدروجين، ثم تحول الأخيرة إلى ماء بالكاتالاز الإنزيمي.
وتبقى الإنزيمات نفسها من دون تبدل، وهي – خلافا للمغذيات المضادة للتأكسد – لا تحتاج إلى إعادة الشحن أو الاستبدال. وفي حين أن المغذيات المضادة للتأكسد يمكن أن تنضب بفعل الأعداد الكبيرة من الجذور الحرة، تستطيع الإنزيمات المضادة للتأكسد مواصلة تعطيل الجذور الحرة حسب الحاجة.
يمكن أن تبتاع ديسموتاز فوق الأكسيد بشكل مكمل غذائي، لكن جسمك ينبغي أن ينتج جميع مضادات التأكسد الإنزيمية حسب حاجته ما دمت تمده بالتمائم الإنزيمية Cofactors الضرورية، حيث يحتاج جسمك إلى بعض المعادن، بما في ذلك الزنك (التوتياء) والنحاس والمنغنيز والحديد، لتنظيم إنتاج الإنزيمات المضادة للتأكسد؛ فإذا كان لديك نقص في النحاس مثلا، يمكن أن يؤدي إلى نقص نشاط ديسموتاز فوق الأكسيد في خلاياك، مما يسبب ضررا تأكسديا؛ غير أن النحاس في الوقت نفسه يعد مركبا مؤكسدا يولد جذورا حرة ضارة؛ كما أن الحديد اللازم لتنشيط الإنزيمين المضادين للتأكسد “الكاتالاز Catalase والبروكسيداز Peroxidase” هو مؤكسد قوي أيضا.
وقد فطر الجسم على حفظ التوازن الدقيق بين الوظائف المحرضة للتأكسد Prooxidative functions ووسائل الدفاع المضادة للتأكسد Anti-oxidative defenses فيه؛ وهذا ما يبرر الأهمية الكبيرة لوجود برنامج متكامل ومتوازن من المكملات؛ فالنحاس والمنغنيز والزنك تعزز نشاط ديسموتاز فوق الأكسيد، في حين يحمي الفيتامين E والبيتا – كاروتين وحمض ألفا – ليبويك الجسم من الجذور الحرة المحرضة (المستحثة) بالنحاس. كما يحطم حمض ألفا – ليبويك الفائض من الحديد، مما يساعد على الوقاية من ميوله المؤكسدة.

هل تحصل على الحماية الكافية؟

يعطي الجدول اللاحق المقادير الموصى بها من أهم مضادات التأكسد وتمائم العوامل Cofactors المتعددة؛ وفي حين يوجد الكثير من هذه المغذيات في المستحضرات المتعددة الفيتامينات، لكن معظمها لا يحتوي على مقادير كافية للوقاية من الإجهاد التأكسدي. وعليك أن تكمل المستحضر المتعدد الفيتامينات بالمغذيات الفردية حسب الحاجة للحصول على المدخول اليومي الكامل وصولا إلى المستويات الموصى بها لاحقا.
برنامج الوقاية بمضادّات التأكسد
مضادّ التأكسد الأساسيالجرعة المقترحةملاحظات
الفيتامين C2000-4000 مغيمكن الحصول على الفيتامين C بشكل أقراص أو مسحوق بلّوري يحلّ في الماء أو العصير؛ وقد يقي الشكل المدروء (المغلّف)
من الانزعاج المعدي عند الذين لديهم تحسّس زائد للأطعمة الحمضيّة.
الفيتامين E400-1200 وحدة دوليةاختر مزيجا طبيعيا (غير تركيبي) من
التّوكوفيرولات والتّوكوترينولات.
البيتا – كاروتين5000-10000 وحدة دوليةتناول مكمّلا من مزيج أشباه الكاروتين.
السّيلينيوم200 مكغ
مضادّات التأكسد الخلويّة
تميم الإنزيم Q1050-200 مغأفضل ما يمتصّ تميم الإنزيم Q10 عندما يؤخذ مع الأطعمة أو المكمّلات التي تحتوي على الدهون (مثل الفيتامين E أو كبسولة زيت السمك).
حمض ألفا – ليبويك250-500 مغ (وحتّى 1200 مغ عند المصابين بالدّاء السكّري أو هم في خطر منه)تتعزّز كفاءة حمض ألفا – ليبويك بتقسيم الجرعة إلى جرعتين أو ثلاث خلال اليوم، أو بتناول مستحضر بطيء التحرّر.
ن – أسيتيل سيستئين لتعزيز إنتاج الغلوتاثيون500 مغويمكن بدلا منه تناول غرفة أو غرفتين من مسحوق بروتين المصالة.
تمائم العوامل المضادّة للتأكسد
الزّنك35 مغ
النحاس2 مغ
المنغنيز5 مغ
الحديدحسب الحاجة فقط
يميل الحديد إلى التراكم في أجسام الرجال والنساء غير الحائضات، مما يشكل تهديدا مؤكسدا ويساهم في المرض القلبي؛ ولا يحتاج معظم البالغين والنساء بعد سن اليأس إلى الحديد التكميلي، بل ينبغي أن يختاروا مستحضرات غذائية غير محتوية على الحديد.

تعزيز مضادات التأكسد في نظامك الغذائي

مع أنني أعتقد أن التكميل الغذائي ضروري للحصول على وقاية كافية بمضادات التأكسد، لكن ذلك لا يعني أن الأطعمة الغنية بمضادات التأكسد ليست هامة؛ فالفواكه والخضار الغنية بالفيتامينات والمعادن المضادة للتأكسد تحتوي أيضا على الكثير من أنواع المواد الكيميائية النباتية المضادة للتأكسد، بما في ذلك الفلافونويدات Flavonoids والكاتيكينات Catechins وأشباه الكاروتين Carotenoids. كما أن الأشخاص الذين يستهلكون الكثير من الفواكه والخضار تقل لديهم معدلات الأمراض كثيرا.
وما يزال العلماء يتعرفون إلى المواد الكيميائية النباتية المختلفة التي لا تحصى، ويكتشفون كيفية مساهمتها في الصحة، لكن يبدو أن هذه المواد الكيميائية الطبيعية جزء هام من الشبكة الدفاعية المضادة للتأكسد في الجسم. واليوم، تشتمل بعض المستحضرات المتعددة الفيتامينات على معقدات من المغذيات النباتية والخلاصات الطعامية في تركيبها، غير أن الجرعات تتفاوت كثيرا، ويمكن أن تكون قليلة تماما بسبب غياب المعايير الراسخة.
كما أننا لا نفهم تماما جميع الطرق التي تعمل فيها هذه المغذيات مع بعضها البعض بشكل تآزري. وفضلا عن تناول مكملات الفيتامينات، لا بد من أن تعزز نظامك الغذائي بضروب واسعة من الفواكه والخضار الطازجة لزيادة مدخولك من هذه المواد الكيميائية الطبيعية ضمن توليفاتها الطبيعية.
المواد الكيميائيّة النباتيّة المضادّة للتأكسدالوظائف المعروفةالمصادر الطعاميّة
طليعة الأنثوسيانيدين
Proanthocyanidin، الرّيزفيراتول Resveratrol، البيسنوجينول Pycnogenol OPC
تحمي النسج من
الضرر الناجم عن الجذور الحرّة، لاسيّما القلب والجلد
العنب، التوت
الإندولات lndoles
(l3 C and DIM)
تقي من السرطاناللفت، الكرنب، القنبيط
الليكوبين Lycopeneيقي من السرطان،
لاسيّما سرطان البروستاتة
البندورة ومنتجاتها، الليمون الهندي (الكريب
فروت) الأحمر، البطّيخ الأحمر
اللوتيين Lutein، الزيازانثين
Zeaxanthin
يقيان من التنكّس
البقعي Macular degeneration وسرطان الثدي
السبانخ، الخضار ذات الأوراق الخضراء الداكنة
(اللوتيين)؛ الذرة، الخوخ، المنجة، البرسيمون Persimmons (الزيازانثين)
الكاتيكينات Catechinsتحمي الأغشية الخلوية، وتقي النسج من الأشعّة فوق البنفسجيّة والمواد الكيميائيّة المسرطنةالشاي الأسود والأخضر

حماية الجلد من الشيخوخة الباكرة

لقد أصبحت مضادات التأكسد آخر شيء في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالجلد، ولسبب جيد؛ فالتغيرات في الجلد والتي تصاحب الشيخوخة (الخطوط، التجاعيد، البقع العمرية، سرطان الجلد) – مثلما تدرك – تتعجل بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية؛ فعندما يسقط الإشعاع فوق البنفسجي على الجلد، تنتج أعداد كبيرة من الجذور الحرة في الجلد، وتبدأ سلسلة من التفاعل الضار بالنسج؛ فالجذور الحرة تبدل الـ د أن إي DNA في الخلايا الجلدية، مما يوفر الأساس لسرطانات الجلد مستقبلا. كما تخرب الجذور الحرة المادة الأساسية الكولاجينية (المطرس الكولاجيني) Collagen matrix التي تدعم الجلد. ويؤدي تضرر المطرس الكولاجيني إلى رخاوة الجلد وتخططه وزيادة تعرضه لشد الجاذبية.
ويمكن لاستهلاك المغذيات المضادة للتأكسد في القوت والمكملات أن يساعد على حماية خلايا جلدك من ضرر الشمس؛ كما يمكن لوضع بعض المغذيات المضادة للتأكسد على سطح الجلد مباشرة أن يكون ذا تأثيرات فائقة في الوقاية من علامات الشيخوخة في الجلد، بل وحتى إزالتها.
يعد الفيتامين E مغذيا قيما واقيا للجلد؛ لكن عندما يطبق مباشرة على سطح الجلد، يكون الشكل التوكوترينولي Tocotrienol form منه أفضل امتصاصا واستعمالا في الخلايا من الشكل التوكوفيرولي Tocopherol form. كما قد يساعد الاستعمال الموضعي لتميم الإنزيم Q10 والفيتامين C وحمض ألفا – ليبويك على إصلاح شيخوخة الجلد. وتروج الكثير من منتجات العناية بالجلد للمغذيات المضادة للتأكسد، لكن القليل منها لا يحتوي على أكثر من مقادير زهيدة؛ ولذلك، ابحث عن المنتجات التي تستعمل المغذيات المضادة للتأكسد بتراكيز تصل حتى 1-5%. وينبغي أن يستعمل الفيتامين C شكلا ذوابا في الدهن من الفيتامين (بالميتات الأسكوربيل Ascorbyl palmitate). كما أن المنتجات المحتوية على مزيج من مضادات التأكسد المختلفة قد تمنح وقاية أفضل باستثمار الخواص التآزرية لمضادات التأكسد المختلفة هذه. ومع أن الفيتامين C فعال جدا عندما يستعمل موضعيا، لكنه يتصف بعدم استقرار شديد.
إن حماية الجسم من الداخل والخارج من التأثيرات الضارة للأكسدة هي سياج هام ضد الشيخوخة والمرض؛ لكن الوقاية من الأمراض المرتبطة بالعمر تتطلب أسلوبا متعدد العوامل.